البيضة المرقطة (الجزء الثاني)
وبالفعل لم تمضي سوى ثلاثة أسابيع كانت البيضة خلالها تأخذ الحرارة و الدفء من النبتة البرية و أخذ الصفار يتحول شيئاً فشيئاً إلى كتلة لحمية ، ثم بدأهذا اللحم بالتكون فصار له رأس و عينان و منقار و تحول إلى صوصٍ صغير ثم بعث الله به الروح ، فصار يتحرك و يأكل من البياض الموجود معه في البيضة ألى أن انتهى البياض فأصبح الصوص يمتلك قوة بحيث تمكن من كسر القشرة بمنقاره و خرج من البيضة إلى الحياة .
خرج الصوص إلى الدنيا ، و نظر حوله بتعجب و دهشة كبيرة. نظر أولاً إلى النبتة البرية ثم مد رأسه الصغير منها، فرأى السماء و الأرض تمتد بدون انقطاع و رأى بعض الأشجار متباعدة من حوله و لفت نظره كل شيء ، الهواء و الشمس و الغيوم و كل شيء و دار في رأسه ألف سؤالٍ و سؤال:
هل كل هذه الأشياء و جدت مثلما وجدت أنا؟ . . .
ترى من أوجدها؟ . . . ثم سرعان ما أجاب نفسه وبدون تكلف لا بد أنه الخالق الذي خلقني و حولني من بيضة إلى صوصٍ صغير يتنفس و يتحرك و يأكل ، لابد أنه هو نفس الذي خلق كل هذه الأشياء.هكذا أجاب الصوص نفسه و اطمئن إلى هذه الحياة.وحينما سأل نفسه ماذا علي أن أعمل الآن ؟ لم يستطع أن يجد جواباً. و بدأت الوحدة تخيفه . فهو الآن بحاجة شديدة و ماسة إلى أمه الدجاجة، بحاجة إلى رعايتها و إرشادها. على الأقل كانت إجابته علىكل هذه الأسئلة التي تطرق رأسه الصغير دون جدوى.
و عندما أراد الصوص أن يخرج إلى خارج النبتة البرية خاف و لم يجرؤ على تركها. لكن الجوع تغلب على الخوف و خرج الصوص من نبتته بعدما أحس بجوعٍ شديد . و لم يكن عسيراً عليه أن يجد الطعام و لا الشراب ، فبذور النباتات متوفرة و الماء متوفر صباحاً على أوراقها بكثرة و عندما يرتوي و يشبع يعود إلى مكانه في النبته .
و صار كل يوم يخرج فيملأ بطنه الصغير ثم يعود إلى بيته في النبتة البرية. وكلما نظر حوله لا يرى أحداً سواه يعيش على تلك الأرض فيتألم فالوحدة قاشية و مرة.و ليأسه من الأرض صار ينظر كل يوم إلى السماء و يديم النظر فيها. كانت السماء تعجبه فهي رائعة في زرقتها وفي الليل تضيء بالنجوم و كان يقول سبحان الذي خلقها ما أجملها هذه السماء.
و مر’ً وهو ينظر إلى السماء شاهد سرباً من الطيور تطير محلقةً . فتمنى لو أنه يستطيع أن يطير مثلها . . . و صار كل يوم يترقب مرور الطيور فوقه و عندما تمر يحاول أن يحرك جناحيه ليلحق بها .
و ذات يوم جعل يتظر إلى السماء و يترقب مرور الطيور الجميلة . فسمع أصواتها تصدع و تزقزق من بعيد و ما إن وصلت فوقه حتى سقط واحد منها و هوى إلى الأرض بجانبه .
ركض إليه الصوص . و ارتاع لمشهد الدماء التي تسيل من جناحه .
فماذا حدث للطير وماذا حدث للصوص؟
أكمل الجزء الثالث من القصة غداً إنشاء الله .