منتدى جزيرة الرياضيات  
     

Left Nav التسجيل التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

» منتدى جزيرة الرياضيات » الجزيرة الادبية » جزيرة الآداب و الثقافة » القرآن الكريم بصوت السيدة زينب (عليها السلام)

جزيرة الآداب و الثقافة لكتابة الخواطر والاشعار والمقالات القصيرة و الاشياء الثقافية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع
  #1  
قديم 02-08-2003, 06:12 PM
الصورة الرمزية darken_eyes1
darken_eyes1 darken_eyes1 غير متواجد حالياً
عضو

 
تاريخ التسجيل: Jan 2003
الدولة: مملكة البحرين
المشاركات: 212
القرآن الكريم بصوت السيدة زينب (عليها السلام)

لقد كانت نعمة موفورة وفريدة في مجرى التاريخ يوم انفرجت رحمة الله عن أول كلمة ناطقة هادية إلى مسؤولية القراءة والقرآن... في تلك اللحظة المباركة حدثت نقلة علنية باهرة استعاد خلالها الإنسان المعنى الضائع من كرامته وهويته؛ ليشهد أعظم انبعاث لفكرة التواصل والتعارف، وتسامي التكامل المبارك بالأسرة الإنسانية التي أوشكت على الانفصام العرقي، والقطيعة المعرفية لولا هذا الكتاب المجيد الذي أضاء لعقلها سرّ القراءة، ولعينيها سرّ الحياة منذ علّم سبحانه آدم الأسماء كلها وحتى لحظة اكتمال الوعي بقراءة اللغة والكون، ليواصل رحلة الكشف الفكري وتشكيل هويته بهذه القبسات الطيبة من مداد العلماء، والغرسة الأولى في ذلك كله: (اقرأ باسم ربكَ الذي خلق). أن تقرأ أي أن تجابه انفصال القطيعة لتبصر ذاتك في ذات الآخر مدركاً أن الذي أحسن صورتك قد أحسن صورته، والذي اشتراك اشتراه؛ والذي سماك سمّاه؛ وواعياً أنّ شرطك لقراءة التوحيد أن نقرأ الإنسان (سنريهم آياتنا)، وشرطك لقراءة السنبلة أن تغرسها وترويها، وشرطك لقراءة المزن أن تتوجّع، وسبيلك لقراءة الأمة أن لا تبيت شبعاناً وجارك جائع، وبهذا الحبّ الصعب تصبح قراءة القرآن هي الحوار الدائم المفتوح الذي لا يلغي الآخر، ولا ينفي خصوصية التمايز بين الناس؛ فهو يرى في اختلاف ألوانهم وألسنتهم وأفكارهم خصوبة دائمة ترفد الحياة بجمالات التنوّع، وتنوّع الجمال المزدهر ضمن كوكب التوحيد؛ وخمائل الحرية التي لا تقطع الطريق على إشراقات المعرفة، ولا تنكر ضرورة التنوّع والحق بالاختلاف لأن مساحة الكلمة الإلهية تتسع للجميع ما دامت محكومة في الأسس لصوت الفكر؛ ومسؤولية الجدال بالتي هي أحسن، وبهذا المعنى نقارب منهجاً جديداً لتفسير القرآن بالإنسان والواقع.

فنرى في سيرة السيدة زينب (عليها السلام) وتضحياتها تفسيراً حياً للقرآن بملاحظة أنّ القرآن ليس مجرّد تاريخ لمداخلات الله في حياة البشر؛ وإنما هو ملحمة دائمة لشهودية القراءة الدائمة، وهذا ما وعته العالمة زينب (عليها السلام)، وهي ترفع صوتها بمرثية الحضور الإلهي ووقفة الإيمان القوي في قصر يزيد معلنة أنّ صوتها الخالد، وتجربتها الرائعة في قراءة مفهوم الحرية هي التفسير الموضوعي للقرآن ذلك أنّ أيّ قراءة حرفية للوحي تستبعد الواقع أو تلغي مركزية الإنسان فيه ستصادر جلال التوحيد، وتكرّس بالضرورة غياب الله عن الكون والحياة...

فما هي خصائص القراءة في لغة السيدة زينب (عليها السلام)؟... إنّ القراءة المسموعة بصوت الحوراء (عليها السلام) ليست قراءة صوفية، وليست قراءة تقنية تخدم إرادة السيطرة على الطبيعة، وإشباع الجسد. لقد انبثقت القراءة في لغة زينب (عليها السلام) الجريئة على وعي الإنسان بكلّ أبعاده من المبتدأ إلى المنتهى، بمبدأ نقدي اتخذته منهجاً لمحاكمة الواقع الزائف من خلال الوحي لكي لا تخرس الألسنة فتفهم من دعوة القرآن إلى التسامح والعفو أنه يدعو إلى الضّعف، وقبول الضيم، والعفو عن الذين لا يزيدهم العفو إلا إمعاناً في الإساءة والأذى والعدوان، ولعلّ في هذه القراءة النقدية للعصر الذي عاشته السيدة زينب (عليها السلام) ما يفسّر لنا اهتمامها الواضح بتحديات الظلم والتخلف والجهل، ومقارعته، فقد يضطرّ المسلم أن يقايض على دنياه غير أنه لا يجوز له المقايضة مهما كان الثمن على عقله وحريته، ذلك أنّ عقله وحريته هي الركن الأهم والأقدس في عقيدته السمحاء.

إنّ أعظم ما في بطولة زينب الطاهرة (عليها السلام) أنّ الهزيمة لم تفرض عليها التكيّف مع الواقع كيفما كان، ولم يدفعها الخوف إلى إيثار السلامة والدّعة على المواجهة والتحدي، ولم يمنعها انكسار السيّف في كربلاء من مواجهة الانحراف بقراءة الانحراف نفسه ليظلّ صوتها العالي شاهد صدق في محكمة التاريخ، ونبوءة خالدة لانتصار اللغة على العنف: (فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا).

هذه اللغة التي نحتفل بها اليوم في افتتاح صرح مبارك من صروحها هي اللغة الحوارية التي أفرغتها زينب (عليها السلام) عن لسان أبيها لتخرج العقل من سطوة الخرافة، والغريزة والهوى إلى صواب الرشد، وبصيرة النقد، معلنة أن لابدّ للقرآن من قارئ، ولابدّ لهذا القارئ من مراس القراءة الواعية ليخرج من الإنصات إلى التصديق، ومن القول إلى الفعل، ومن الصّمت إلى الحوار في ميادين الجهاد بالكلمة الهادية التي تنشد تقويم الإنسان، وإصلاح ما فسد من أموره، ولئن كانت القراءات القرآنية السابقة قد أشرفت على تكوين العقل الإسلامي فإننا نؤكد انطلاقاً من قراءة السيدة (عليها السلام) للقرآن على ضرورة الاستناد إلى إرادة الإنسان نفسه في بنائنا الحضاري والمعرفي كي يزدهر القرآن في مناشط وعيه لآفاق المعرفة وغاياتها، وما أحوجنا إلى هذه الومضات القديمة والجديدة لتجميعها في مصباح واحد يفصل بين الخطأ والصواب، وبين الزيف والحقيقة، وبين المصنوع والأصيل من الأفكار.

وإننا إذ نهتدي بفرقان زينب (عليها السلام) نسجل أنّ محنة العقل العربي والإسلامي لا تكمن في مستودعات التراث، وإنما في مناهج قراءتنا لهذا التراث... لقد استنزف التراث عقولنا لأننا تقمّصناه، ولم نقرأه بعيون زينب (عليها السلام) وصوت زينب (عليها السلام)...

إنّ تحسين الصوت؛ وترتيل القرآن؛ واجتراره والتهجية السردية للتاريخ، ومحاكاة الماضي محاكاة حرفية لم يؤدّ بثقافتنا الإسلامية إلا إلى حركات مغلقة داخل النصوص المغلقة تماماً كما أنّ تحسين الثقافة الغربية لتقنياتها في قطع أشجار الغابات؛ وفي تطوير زراعة المحصول الواحد لم يؤدّ إلا إلى تعرية سفوح جبال الهملايا وفيضانات بنغلادش، ومجاعات ساحل العاج، فلا الثقافة النصوصية الإسلامية الجامدة نجحت في قراءة الإنسان ولا الثقافة الغربية بعلومها الموضوعية، وتقنياتها المتطورة أفلحت في قراءة هذا الإنسان... فماذا يصنع المثقف العربي إزاء هذين النموذجين؟ وكيف يوفق بينهما ليستحدث الصيغة التي يتوخاها من القراءة الجادة المسؤولة؟

من الواضح أن الحلقة المفقودة بين هذين الاتجاهين هي أنّ الثقافة الغربية تميزت بأنها ثمرة لتفاعل مباشرة بين الإنسان والكون دون حضور القرآن كطرف ثالث فهي إذن ثقافة منبثقة عن علاقة ثنائية ذات طرفين هي الإنسان والكون أدّت إلى ظهور دين جديد يسمّونه التنمية والتقدم غايته استعباد القوي للضعيف، لأنّ مصطلح التنمية على الطريقة الغربية في البلدان المتخلفة لا يمكن أن تتم إلا بسرقة خيرات هذه البلدان، واستنزاف طاقاتها البشرية.

أما الثقافة النصوصية الحرفية للإسلام فقد تميزت بأنها ثمرة للتفاعل المباشر بين الإنسان والقرآن بالدرجة الأولى، واستبعدت الطبيعة والكون من مجال نشاطها الفكري ممّا أدى وفي غياب هذا البعد الهام أو ضعف حضوره إلى انتشار التخلف المادي والتقني في واقعنا الحضاري الراهن كمسلمين... من هنا فإنّ كل معرفة للكون والطبيعة عن طريق العلم هي طريقة من طرق العبادة والصلاة، ولون من ألوان القرب من الله، وقراءة جديدة لقراءة الإنسان والقرآن، ولن أطاول إذا قلت: أن فاتحة القرآن البسملة، وبسملة الكون هذا الإنسان الذي يجب قراءة عذابه متكافئاً مع قراءة النصّ الإلهي بصوت الصابرة زينب (عليها السلام)، وتلك هي القراءة الفاهمة الواعية التي لا تقفل العقل والقلب، ولا تحول بين الإنسان وأخيه، أو بين الإنسان وخالقه لأنّ مبدأ التوحيد وهو حجر الزاوية في الإيمان يرفض كلّ فصل بين العلم والعقيدة، فكلّ ما في الطبيعة شاهد على وجود الله، ولعلّ امتياز القراءة النوعية بلغة السيدة (عليها السلام) وصوتها أن ندرك ما فيها من معان وما لها من خصائص، وأن لا نفصلها عمّا يمنحها أهدافها وغاياتها أي الإيمان الذي يحرس العلم ويحميه، والعلم الذي يدعو إلى الإيمان.

وتجدر الملاحظة إلى أن من خصائص مكونات الثقافة الإسلامية في عصرها الذهبي أنها كانت متداخلة كمنظومة يتصل بعضها ببعض بسبب من مبدأ الوحدة، فلم تغرق في الماضي بين علم الطبيعة والمرئيات من جانب، وبين علوم الدين والفنون والأدب من جانب آخر. لم يكن ثمة حواجز أو فواصل بين جميع العلوم، وهذا ما يفسّر ظهور عباقرة موسوعيين أفرزتهم الثقافة الإسلامية، ولعلّ في هذه الرؤية الوحدوية ما يفسّر لنا اهتمام الحضارة الإسلامية بتصنيف العلوم، فحينما يؤكد الإسلام على وحدة الواقع الموضوعي بالمعرفة التي يكونها الإنسان عن هذا الواقع، فنحن مسوقون إذن إلى التأمل في وحدة العالم ووحدانية الله التي تتجلى في وحدة الطبيعة.

إذن لا انقطاع بين المسجد والمدرسة ولا انفصال بينهما، حيث تبقى عقيدة التوحيد ووحدة الطبيعة والدعوة إلى التعارف أي التلاقح الحضاري بين الأمم والشعوب هي الأساس والمنطلق في كلّ معرفة تتفاعل مع آلام الإنسان وأمانيه.

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-08-2003, 11:58 PM
الصورة الرمزية الاستاذ خليل
الاستاذ خليل الاستاذ خليل غير متواجد حالياً
المدير العام


 
تاريخ التسجيل: Jan 2003
الدولة: مملكة البحرين
المشاركات: 3,977
مشكورين على المشاركات القيمة

خليل
__________________
هذا من فضل ربي
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-10-2003, 12:27 AM
الصورة الرمزية الجزيري
الجزيري الجزيري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2003
المشاركات: 37
تسلمين على المشاركة الحلوه
وان شاء الله دوم
__________________

مع تحياتي

الجزيري
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:31 PM

Style provided by: MonksDiner - Entertainment Forum
Translated To Arabic By: Nile Stars
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir