عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-10-2005, 11:58 PM
الصورة الرمزية mab4math
mab4math mab4math غير متواجد حالياً
إدارة المنتدى


 
تاريخ التسجيل: Jul 2004
الدولة: مصر - سوهاج
المشاركات: 845
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى mab4math
Smile البقية

البراجماتية في الاقتصاد : يقول الدكتور محمد عزيز سالم : " إن البراجماتية تعبير صادق عن الفلسفة الأمريكية "، فهي تدعو إلى " العملية " وتتخذ من " العمل " مقياساً للحقيقة ، لتوافق بذلك ما يدعو له النظام الرأسمالي الذي يربط بين الحقيقة من جهة ، والذاتية والنفعية من جهة أخرى . وأصبحت البراجماتية منذ ذلك الحين المبدأ الإداري والاقتصادي الحكيم الذي يتعامل مع الواقع وما يحيط به من ظروف متغيرة بصورة عملية تحقق الأهداف القائمة على مبدأ المنافسة الحرة بكفاءة واقتدار . وأصبح المصطلح البراجماتي مفهوماً مرتبطاً بالإدارة والاقتصاد وتسلل هذا المفهوم إلى مبادئ الاقتصاديين والإداريين المسلمين وسلوكيات التجار وأصحاب الأموال والاستثمارات ، فتساهل الممارسون للأعمال التجارية في استخدام جميع الوسائل ـ بغض النظر عن شرعيتها ـ للوصول إلى ما يعتقدونه هدفاً سامياً ، وغاية حسنة تسوغ الوسائل كلها ، فظهر من ينادي بحِلِّ بعض أنواع الربا حتى تتمكن البنوك الإسلامية من مقارعة مثيلاتها الغربية الكافرة ومنافستها، واستحلال اليانصيب لجمع الأموال وإنفاقها في وجوه الخير ، كما ظهر من لا يرى غضاضة في استخدام الأساليب الإعلامية والإعلانية الشهوانية ، تقليداً للغرب ؛ وذلك بحجة جذب المستهلكين إلى الصناعات المسلمة ، وصرفها عن صناعات أعدائها ؛ فأصبح من المضحك المبكي أن ترى من لا يجد بأساً في ظهور الفتيات الفاتنات يعرضن إعلاناً لأحد المنتجات العربية ، ما دمن متحجبات الحجاب العصري الجديد . كما ظهرت في بلادنا العربية تلك الاستثمارات السياحية المشبوهة والاحتفالات المختلطة التي يسوِّغ دعمها صرف الشباب المسلم عن الوقوع فريسة السياحة الغربية الكافرة . والأمثلة كثيرة على تلك الاستثمارات التجارية المتنامية في بلاد المسلمين التي تقوم على أسس براجماتية وذرائعية . أسباب انتشار البراجماتية : إن أسباب انتشار الفكر البراجماتي كثيرة ومتعددة، كما أن العوامل التي ساهمت في نموه وقبول فئة من الناس له مختلفة ومتداخلة . وإجمالاً للقول: فإن من تلك الأسباب الكثيرة التي يحسن إلقاء الضـوء عليها : أولاً: قلة العلم الشرعي . ثانياً: اتباع الهوى . ثالثاً: اتساع الفجوة بين العلماء والمفكرين . رابعاً: التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . أولاً: قلة العلم الشرعي : لعل من أبرز عوامل بروز هذه الظاهرة هو: قلة العلم والعلماء المختصين بالعلم الشرعي ، وندرتهم لسد حاجة الأمة ؛ فقد أتى على المسلمين زمن ضعفت فيه همم الشباب عن طلب العلم الشرعي ، والتخصص فيه ومتابعة علومه ، واكتفى كثير منهم بالعلم السطحي المادي مسايرة للتقدم الحضاري الغربي ، فظهرت الفجوة الكبيرة والنقص الواضح في المرجعية والتخصص العلمي ، وظهرت طبقة جديدة من المثقفين وجيل جديد من المختصين الحاملين للشهادات العلمية البراقة والأسماء العلمية اللامعة التي لا تحمل في جعبتها من العلم الشامل إلا القليل؛ فانتشرت بذلك " الجهالة المقنعة"، وترأَّس أولئك المثقفون والمفكرون المعاهد والأقسام ، وتصدروا مجالس الفتوى ومنابر الفكر ، ونعتهم الإعلام بالمفكرين المثقفين ؛ فصاروا مرجعاً للعلم والإفتاء ، فخلطوا الحق بالباطل ، والخطأ بالصواب ، فصدق قول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيهم : " إ ن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يُبقِ عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً ، فسئلوا ، فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا "، فلا غرو والحالة هذه أن نرى في وسائل الإعلام من يتخبط بالقول منكراً أن يكون للمسلمين علاقة دينية بالمقدسات الفلسطينية، أو أن نسمع فتاوى تروِّج لها وسائل الإعلام المكتوبة تبيح ربا البنوك اليوم بحجة أنه ليس من " الربا القرآني المحرم "، أو أن يخرج علينا فقيه عصري يحل أموال اليانصيب والمشاركة فيها تفويتاً لاستغلالها من قِبَلِ الكفار . وكان من أولئك المفكرين من أعمل العقل في كل شيء ، وجعل النقل تابعاً لاستنباطات العقل ومداركه وما يراه عملياً في عصره وبيئته ، فقدموا عقولهم المحدودة على النقل ، وحكَّموها في قبول النصوص الصحيحة الصريحة وردها ، وظهرت المدرسة العقلية من جديد ولكنها عبر الذرائعية ، لتكثر المناقشات والمجادلات والمواقف العلمية الشاذة ، والشبهات العقلية المنحرفة ، والتأملات الفكرية المنكرة . ومن ذلك ما ذكر عن أحد المفكرين الذي ملأت سمعته الأصقاع أنه عندما خرج إلى رمي الجمار في منى فشاهد زحام الناس الشديد عليها وقف قريباً من خيمته وقال لمن معه : إن الله لم يكلف نفساً إلا وسعها ، وإن الغاية من الرمي تجسيد عداوة الإنسان للشيطان ، فتعالوا نرمي هنا ، فرمى حصى الجمرات بجوار خيمته ! . أو تسمع عن ذلك الإمام الإسلامي الكبير الذي أجاز لأتباعه في أمريكا الشمالية أن يؤدوا صلاة الجمعة يوم الأحد بدلاً من يوم الجمعة ، وذلك كي يتمكن المسلمون من الحضور واستماع الخطبة ؛ نظراً لارتباطهم بأعمالهم يوم الجمعة ‍! ثانياً: اتباع الهوى : يقول المولى - عـز وجـل -: (واتـل عليهـم نبـأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) .{الأعراف: 175، 176} يقول سيد قطب - رحمه الله - في الظلال: " والحياة البشرية ما تني تطلع علينا بهذا المثل في كل مكان وزمان ، وفي كل بيئة .. حتى إنه لتمر فترات كثيرة ، وما تكاد العين تقع على عالم إلا وهذا مَثَلُه ؛ فيما عدا الندرة النادرة ممن عصم الله ، ممن لا ينسلخون مـن آيات الله ، ولا يخلـدون إلى الأرض ، ولا يتبعون الهوى ، ولا يستزلهم الشيطان .. ولقد رأينا من هؤلاء من يكتب في تحريم الربا كله عاماً ، ثم يكتب في حله كذلك عاماً آخر . ورأينا من يبارك الفجور وإشاعة الفاحشة بين الناس، ويخلع على هذا الوحـل رداء الدين وشـاراته وعناوينه ". وما ظهر الاتجاه الذرائعي في الفتوى والأحكام والمعاملات إلا من بعد أن ركن هؤلاء الدعاة إلى ما تميل إليه نفوسهم ، وترغبه وتهواه من أمور تسوِّغ لهم تصرفاتهم ، وتحقق لهم مصالحهم ، وتزكي لهم أعمالهم . وكانت مجالستهم واختلاطهم بالنفعيين المتزلفين وأصحاب الأهواء فتيلاً أجج نار الهوى لديهم؛ فاعتدُّوا بآرائهم واستحسنوها ووجدوا من أتباعهم من تروق له هذه الأفكار والأحكام والاتجاهات ومن باركوها وتتلمذوا عليها . وظهر من ينادي بأن " الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان " ويحتج بأن العلماء غيَّروا فتاواهم عندما تغيرت أماكنهم وأزمانهم ، كما كان من الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ عندما ذهب إلى مصر فصار يفتي بغير ما كان يفتي به في الشام حتى صار له مذهبان : أحدهما قديم ، والآخر جديد . وهكذا حتى وجدوا تخريجاً لكل ما تهوى أنفسهم من أفعال وأقوال . ومن أكبر تبعات اتباع الهوى إضلال الآخرين وإبعادهم عن الطريق الحق ؛ فالهوى لا يقتصر خطره على صاحبه، بل كثيراً ما يتعداه إلى غيره من الناس ؛ فقد قال المولى - عز وجل -: (وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم ) {الأنعام: 119}؛ فعامة الجماهير لا تفرق بين الحق وقائله ، فتعرف الحق بالرجال ؛ فإن صدر ممن اشتهر بين العامة بالعلم أخذوا منه كل ما قال ، وإن اشتهر بعمل الخير سوَّغوا له كل ما عمل ، وقلدوه في كل أمر ، وهكذا حتى انتشر المذهب الذرائعي البراجماتي بين الناس بزلات أهل العلم والاختصاص واتباعهم لأهوائهم . ثالثاً: اتساع الفجوة بين العلماء والمفكرين : لقد استيقظت الأمة الإسلامية من غفلتها وسباتها وقد سبقها الغرب إلى ركب الحضارة والتقدم والمعرفة ، فلم يكن لأبنائها بد من السعي الحثيث لاقتفاء أثر المعرفة الدينية والدنيوية في معاقل الغرب ومعاهدهم ، فنشأ جيل من المفكرين والمثقفين الذين تتلمذوا وتعلموا على أيدي الغرب ومناهجهم ، وكان منهم من يستهجن آراء بعض العلماء وفتاويهم وتصريحاتهم ومحاضراتهم ويكثر من العبارات المنتقصة لوعيهم وإحاطتهم بالواقع المعاصر ، وظهرت المصطلحات الساخرة " كدعاة الجمود " و" التحجر الفكري " و " غلق باب الاجتهاد " . وفي المقابل فقد كان لانغلاق العلماء الشرعيين في حدود بيئتهم الضيقة سبب في اتساع هذه الفجوة ؛ فقد ترفع بعض هؤلاء العلماء عن مخالطة المفكرين والرد عليهم والاطلاع على آرائهم وكتبهم ، واكتفى بعضهم بالحكم على بعض أقوال المفكرين أحكاماً عامة لا تَشْفِي غليل الأجيال الناشئة التي كانت الضحية الأولى لهذه الفجوة . ففي حين ظهر تيار شعبي رافض لجميع وسائل الحوار والرد والتصدي لمثل هذه الأفكار ومناقشتها بحجة الحكم مسبقاً على أصحابها بالضلالة، ظهر تيار آخر من تلك الأجيال الناشئة راقت له هذه الآراء وتبناها وعمل بها ودعا إليها ، دون تمحيص أو تقييم ؛ فزاد هذا التقسيمُ الفجوةَ اتساعاً يصعب الآن ترقيعه . رابعاً: التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهمة التي بعث الله بها الرسل أجمعين . وبإقامته كما أمر الله - سبحانه وتعالى - استحقت هذه الأمة أن تكون خير أمة أخرجت للناس؛
__________________
هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه براء؛ وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويلقى به فى جهنم. ثم أعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه
المنطلق الإسلامي - اضخم دليل للمواقع الإسلامية

دليل سلطان للمواقع الاسلامية
رد مع اقتباس