|
النضالُ البرلماني توحيد اجتماعي
النضالُ البرلماني توحيد اجتماعي
يشكلُ النضالُ البرلماني بداية صحيحة لتوحيد اجتماعي وطني، فهنا يلتقي ممثلو الجماعات المختلفة في ممارساتها الدينية، ليتوحدوا في أعمال نضالية اجتماعية مشتركة. إن الفاتورة المثقلة من المشكلات الاجتماعية تدفعهم بغض النظر عن انتماءاتهم إلى العمل المشترك، ولمواجهة عقود من سياسة توجه الإدارة، ذات الصوت الواحد، فهنا يتم البحث عن جوانب أخرى من المشروعات، وتحدث مراقبة مشتركة من مختلف المناطق،
وتتمازج الآراء النقدية المحاسبة التي تريد أداء حكومياً مختلفاً عن العقود الماضية، والذي لا بد أن يدخل في اعتباره الواقع على الأرض، ومصالح المواطنين، فلا يعود الأداء البيروقراطي هو الوحيد في الساحة! سيجد ممثلو المناطق ان مشكلات الناس واحدة، وسيجدون مضموناً واحداً يتمثل في تحسين معيشة الأغلبية، عبر الضغط على مصروفات الإدارة البذخية، ومراقبة الشركات العامة، وضرورة الحزم مع أنانية القطاع الخاص، وهذا المضمون النضالي المشترك سيدفعهم إلى الوحدة، وبالتالي فإن الفروق بين المناطق وتبيانات الممارسات الدينية، لن تكون في صلب الممارسة السياسية البرلمانية. وقد تشكلت البرلمانات من أجل تغيير الجوانب الاستغلالية الفاحشة على الأقل من البناء السياسي، وتكريس الوحدة بين الشعب الواحد، وبهذا يمهدون لوحدة نوعية جديدة بين الناس، ويطوون صفحة سوداء من الصراع المذهبي السياسي المنفجر أو المستتر. (وتعاونوا على البر والتقوى) وتجنبوا سياسة (الاثم والعدوان) وهي كلها سياسة لملمة الصفوف وتجنب المعارك الهامشية، وتجريح الشخصيات البارزة، والتركيز فيما ينفع الناس. وهذه السياسة مهما تلكأت وتعثرت فهي أفضل من لغة المزايدات والمعارك الطاحنة الهامشية، خاصة إذا توجهت إلى مشكلات رئيسية وقدمت انتقادات وحلولاً، وركزت في ملايين ضائعة، ومشروعات كاسدة، واستغلال حكومي ليس له ما يبرره، واندفاع للإدارة في الفراغ من دون أن ترى الأرض الموضوعية التي يقف عليها البلد، والتمادي في الانفتاح من دون وجود بنية صلبة من الطرق والتعليم والكوادر الوطنية، وتوجه للاستثمار المبالغ فيه والتوسع في مناطق بيئية حيوية سيكون لها أضرار مستقبلية، وهذا كله وغيره يقود إلى تأزم البلد، الذي يحتاج إلى سياسة تخطيطية متوحدة في كل المجالات، وإلى تعاون السلطات الثلاث، من دون أن تنفرد سلطة واحدة بالحل والربط! إن ما نسعى إليه هو توحد فإن لم يكن فتعاون السلطات الثلاث في الحد الأدنى من المصلحة الوطنية العامة، وهو مطلب الأغلبية، وهو المشروع الوطني الراهن الذي قد يتعرض للهزيمة أو التحطم وحينئذٍ تفتح الاحتمالات الأسوأ، فإذا اندفعت السلطة التنفيذية في قراراتها من دون مراقبة وموافقة السلطة التشريعية، فإن هذا يحدث شرخاً كبيراً في البناء الوطني. وكذلك إذا تباطأت السلطة التشريعية في المراقبة واقتراح الحلول وعجزت عن الارتفاع إلى نبض الواقع وسرعة تحركه، فهذا يؤدي إلى شرخ آخر من جهة مختلفة. إن النضال البرلماني هو توحيد حين يكون عقلانياً تجميعياً للصفوف وتركيزاً على المشترك، ومقاومة للتخلف والفساد وإهدار الثروة على البذخ والاستعراض، ولا شك أن أغلبية البرلمانيين يدركون اللحظة الحساسة التي يلعبونها في تاريخ البلد، وعلى جهودهم ودقة مراقبتهم، وتشخيصهم ونشاطهم تتوقف سنوات تالية كثيرة من عمر الوطن. فهم يضعون مداميك للوحدة الوطنية على أسس سياسية جديدة، وهم يقودون سفينة في مياه عاتية، ومن الضروري الارتكاز على ربابنة يجعلون الوطن والمصلحة العامة فوق أي اعتبار، وعدم خوض البحر بلا بوصلة وبلا خطة!
|
