المخدرات المجهولة

[أحمد محمد عويضة]

البعض لا يعرف أنها مخدرات !!

تستخدم منظمة الصحة تعبير المواد النفسية بدلا من المخدرات لان الاخير يشمل موادا واستخدامات علمية او اخرى عادية غير محظورة او خطرة وهنا نستخدم تعبير المخدرات ونعني به المواد التي تسبب الاعتماد”الادمان “


والمحرم استخدامها الا لاغراض طبية او علمية او اساءة استخدام المواد والعقاقير المتاحة للحصول على التأثيرات النفسية وبعض المخدرات مواد طبيعية وبعضها مصنعة وتشمل المهدئات والمنشطات والمهلوسات او المستخرجة من نباتات طبيعية كالحشيش والافيون والهيروين والمارغونا والكوكايين او المواد التي تستنشق، اما بالنسبة”للادمان او الاعتماد “ هو التعاطي المتكرر للمواد المؤثرة بحيث يؤدي الى حالة نفسية واحيانا عضوية وتسيطر على المتعاطي رغبة قهرية ترغمه على محاولة الحصول على المادة النفسية المطلوبة باي ثمن ويطلق على هذه الحالة الاعتماد لتميزها عن الادمان المطلق الذي يشمل الوقوع تحت تأثير مواد اخرى لاتصنف في المخدرات المحظورة او الخطرة مثل الكحول وهناك مواد اخرى تمنعها بعض الدول ولا تمنعها دول اخرى مثل القات ومواد عادية غير خطرة ولكنها تسبب الادمان مثل التبغ ثم بدرجة اقل القهوة والشاي وما كان منا الا ان نحاول البحث والدخول في عالم المخدرت ومن يقطنه ولانه يعتبر من العوالم المظلمة التي يعد الدخول اليها من اخطر الامور ولذلك رأينا ان ما يحتم عليه واجبنا هو كشف ما نستطيع كشفه للقارئ حتى لا يقع فريسة سهلة لمثل هذه الظواهر ولذلك عزمنا على تسليط الضوء على هذا العالم السفلي.
على ابواب العالم المظلم
بعد ان بدأنا البحث عن وسيلة للدخول الى هذا العالم دون ان يعرف سكانه صفتنا تجولنا بالقرب من الصيدليات التي تعد المكان المناسب لوجود المدمنين او المتعاطين فشد انتباهنا مجموعة من الشباب المترنحين والذين تنطبق على اشكالهم مواصفات الادمان وما كان منا الا التقرب منهم باختلاق قصة للبحث عن نوعية خاصة من الادوية نسألهم عن هذه النوعية التي لا تصرف الا بوصفة طبية.
قال احدهم لماذا تسألنا اذهب الى الصيدليات التي على الرصيف فستجد فيها الدواء الذي تريد.
- قلنا وبكل بساطة واين هذه الصيدليات؟
- قال اسأل شاكر عظمة.
- قلت اين اجده؟
- قال انتظر هنا وسأتيك بعد قليل.
انتظرنا ونحن في غاية القلق وبدأ قلقنا يزداد لطول انتظارنا وما زلنا كذلك حتى ظهر ومعه شاكر عظمة الذي عرفنا عليه.
- قال هذا الاخ يريد ان يشتري بعض الادوية بدون وصفة طبية مع ابتسامة خفيفة وبادرنا شاكر عظمة اي نوع وما حاجتك للكبسلة؟
- قلت انها مسألة تتعلق باحد الاقرباء فهو محتاج لهذه الادوية.
- قال نعم، ولكن اية ادوية؟ انها انواع وكل له تأثيره، فاي نوع تريد انت؟ واستمر في الحديث عن الانواع ومدى تأثيرها وفعاليتها ومع استمرار الحديث اصبح هناك نوع من الاطمئنان.
- فقال: تعال معي فلكل نوع سعره الخاص.
- فقلنا نعم ونحن جاهزون وذهب بنا الى احد المقاهي التي يجلس فيه الكثير من الشباب يتناولون النركيلة وبدخلونا المقهى كانت هناك نقلة جديدة في هذا العالم المظلم.
نركيلة عالطاير
وما ان جلسنا حتى طرقت اسماعنا كلمات غير مألوفة لدينا وكان ابرزها نركيلة عالطاير فتحمسنا للولوج في عمق هذا الموضوع الذي يعتبر بالنسبة لنا موضوعا ساخنا ومهما وجلسنا هناك حتى ظهر عظمة مع شخص اخر وكانا يتحدثان بصوت عال وكان اسم الشخص هو”باسم جلاعيط “ الذي سلم علينا وجلس وطلب نركيلة عالطاير بحيث اشار بيديه الى احد العاملين في المقهى وكان يحرك اصابعه الخمسة واتضح انه يريد خمس حبوب ان توضع له في النركيلة ودخل في نقاشات كثيرة مع الجالسين من المزاج والسلام عليهم والتفت الينا وقال:
- تريد ان تحصل على اي نوع من الادوية وقال بابتسامة شاحبة انا صيدلي متمرس.
- قلت اهلا بك، هل لديك صيدلية؟
- قال منذ فترة طويلة وانا ابيع الادوية لذلك اصبحت متمرسا في الصيدلة واملك صيدلية جوالة مع شاكر عظمة.
وهنا لم اشأ ان ادخل في نقاش حول الموضوع ولكني تطرقت الى الادوية التي اريد ان اشتريها.
- قلت اية ادوية لديك؟
- فقال انت ماذا تريد ادوية ام كبسلة؟
- فقلت ادوية للكبسلة.
- فقال توجد وهي متوفرة اي نوع تريد؟
- فقلت مهدئات كما شرحت للاخ شاكر عظمة.
- قال الشريط بخمسة الاف دينار والسعر حسب الطلب
- قلت نعم
فاخرج من جيبه مجموعة من الاشرطة الدوائية.
هناك انتقلنا نقلة جديدة في العالم المظلم.
السمائي والدموي وابو الطبرة
وبعد ان اخرج باسم جلاعيط من جيبه الاشرطة الدوائية وما يدعوها”بالكبسلة“ وكانت اشرطة كثيرة طبعا، شدنا النظر اليها لانها ذات الوان متعددة واحجام مختلفة وايضا عدد الحبات يختلف حسب النوع وتأثيره الدوائي وكمية التركيز ومفعولها فقلنا للسيد جلاعيط هذه كلها ادوية للكبسلة؟
قال نعم وتختلف في التأثير وكل نوع له تأثيره الخاص، فسألناه عن اسمائها وايهما اكثر استعمالا.
فقال، الفاليوم والارتين اكثر استعمالا ومتعارف عليها محليا وتعرف بعدة اسماء وتبعا للنوع وشكل الحبة او الشريط فيوجد”ابو الصليب، ابو الحاجب، الاحمر، السمائي، الدموي، ابو الطبرة، الخاكية، الوردية “ ويدخل في الحديث السيد شاكر عظمة اذ يقول كل هذه الادوية تؤدي الى الهلوسة السمعية والبصرية والكوابيس. اما بالنسبة للسيد باسم جلاعيط فهو مستمتع بالنركيلة التي بدأ يستنشقها ويتلاعب بدخانها ويتابع عظمة الذي تبدو عليه حالات التعب الشديد ولكن ما ان تنظر في عينيه حتى ترى انه من الممكن ان يكون هذا الشخص صاحب مسؤولية او كان صاحب مسؤولية لانه يمتلك سحنة فيها من الطيبة الشيء الكثير والله اعلم وما زلنا في حديثنا حتى دخل الى المقهى شخص يدعى ماجد شلفوطه وهو عصبي المزاج ويسب ويشتم صباغ الاحذية وشد انتباهنا الى انه يتكلم عن اشرطة دوائية اعطاها الى صباغ الاحذية ليبيعها له فنتج خلاف بسبب السعر الذي باع به صباغ الاحذية تلك الاشرطة.
وسألت عظمة عن صباغ الاحذية
فقال: اي شيء تريد من حبوب الكبسلة اذهب الى هذا الصباغ ضع رجلك على صندوقه وقل له مثلا قاطين احمر فسيعرف انك تريد ان تشتري حبوب الكبسلة ومعناها شريطين دموي وهذه هي الاشارة ولا يفوتنا ان نذكر ايضا انه في اثناء وجودنا في المقهى دخلت اسماعنا كلمة(صافي وخابط) وحاولنا التعرف على هذا المصطلح بوسيلة ما فاخبرنا انه المعسل اي الذي يوضع في النركيلة ويخلط معه نوع من انواع المخدرات فاذا اراد احدهم ان يشتري احد انواع المعسل فيقول لصاحب المحل او المقهى معسل صافي او معسل خابط او نركيلة خابط او صافي وهي اشارة التعرف على الشخص الذي يريد الكبسلة.
وانتقلنا نقلة جديدة وعرفنا طريقا اخر من طرق العالم المظلم.