الموضوع: ليال والإنترنت
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-23-2009, 06:13 PM
جعفر الخابوري جعفر الخابوري غير متواجد حالياً
عضو

 
تاريخ التسجيل: Mar 2007
المشاركات: 121
ليال والإنترنت

ليال والإنترنت





عندما دخلت ليال ومايا إلى المقهى ظهر على تصرفاتهما الارتباك والحياء مما جعل كل من في المقهى يلتفت نحوهما ، وقد ظهر هذا الارتباك واضحاً عندما قامتا بتبديل طاولتهما عدة مرات ، فجلستا في المرة الأولى في وسط المطعم ، ثم عادتا وانتقلتا إلى الطاولة التي تقع قرب النافذة ... إلى أن استقرتا أخيراً في مؤخرة المطعم بعيداً عن أعين المتطفلين ...
ما أن جلستا على الطاولة حتى بادرت ليال مايا بالاعتذار ، فقالت :
- آسفة لأني وضعتك في هذا الموقف الحرج ، ولكني لا أستطيع أن آتي لوحدي ، ولا أعرف أحد غيرك ... آسفة.
* لا عليك ، المهم ان ننتهي من هذا الموقف السخيف في أقرب فرصة ... ولكن اسمعي لقد جئت معك هذه المرة ، ولكن في المرة القادمة لن آتي ... اتفقنا ...
- اتفقنا ، فقط هذه المرة أعدك ... ما رأيك كيف أبدو ؟ هل سأعجبه ؟
* طبعاً ستعجبيه ، ولكن ألم تقولي لي إنه يعرفك ، وأنك أرسلت له صورتك؟
- بلى ، بلى ، ولكن كما تعرفين الصورة غير الواقع ... الصورة الواقعية دائماً تبدو أحلى وأجمل من الصورة الفوتوغرافية ... أليس كذلك ؟ انا خائفة ... لقد تأخر .
* معك حق ، آسف على التأخير ...
التفت كل من مايا وليال خلفهما لينظرا إلى مصدر الصوت ... وفتحت كل منهما فاهها من هول ما رأت ... رجل طويل القامة ، ضخم الجثة ، علامات السنين تبدو على محياه وإن كان يحاول أن يخفيها بصبغة شعر سوداء داكنة لم تستطع أن تخدع إلا صاحبها ...
عندما رأى الشاب علامة الاستغراب بادية على وجه الفتاتان ، مدّ يده نحو ليال وقال لها : كيف حالك ؟
تداركت ليال الموقف وحاولت أن تخفي دهشتها وتتصرف بشكل طبيعي ، إلا أن احمرار وجهها كشفها ، وأحست مايا بالحرج الشديد الذي تعاني منه صديقتها ، فتساءلت بينها وبين نفسها :
- مسكينة يا ليال ... هل هذا هو الشخص الذي كنت تعقدين عليه الآمال ؟ إنه أكبر من والدك !! غريب ... كيف هذا ؟ مع أنني رأيت الصورة ، كان يبدو شاباً ... يا سبحان الله !! وكأنه ابن الشخص الموجود الآن ... يا مسكينة يا ليال ... ولكن هذا أفضل ... هكذا ستتعلمين درساً لن تنسيه ، فلطالما حذرتك من مخاطر الدردشة على الإنترنت ... ولكن لم تستمعي إليّ ...
واستعادت مايا في تلك اللحظة شريط ذكرياتها مع ليال ، وأخذت تتنقل من ذكرى إلى أخرى تقلِّبها في ذهنها كما تقلّب صفحات كتاب ما ، فتذكر في الصفحة الأولى كيف كانت ليال تحدِّثها عن حسن أخلاق هذا الشخص ، مخبرة إياها عن صدقه ... وعن فكره العميق ... وعن حبّه الشديد لها ... وتقلّب الصفحة التالية لتتذكر كيف كانت ليال قبل أن تتعرف على هذا الشخص ، وذلك منذ حوالي السنة تقريباً ... إذ كانت نموذجاً للفتاة الهادئة الرصينة المجتهدة الخجولة ... إلا أنها بعد أن تعرّفت عليه، تحوّلت إلى فتاة شرسة الطباع ، لا تكلّم أحداً ، دائماً شاردة الذهن ، ... كثيراً ما كانت تأتي إلى الجامعة وعيونها حمراء ووجهها شاحب من قلة النوم ... يا مسكينة ... كل هذا التعب لتكون هذه هي النتيجة ...
بقيت مايا فترة من الزمن وهي تسرح في خيالها بعيداً عن أحاديث ليال ورفيقها إلى أن شعرت بوخز يصيبها في رجلها ، كانت هذه رجل ليال تحاول أن تلفت انتباهها كي تنقذها من الموقف...
* أوه ... ليال ... يجب أن نذهب لقد تأخرتُ على البيت هناك ضيوف سيأتون لزيارتنا ، آسفة أستاذ سنضطر للانصراف ... تشرفنا في معرفتك ...
- وأنا أيضاً تشرفت ... ولكن لا زال الوقت مبكراً ؟ ... سأكلمك يا ليال ... كي نحدد موعداً آخر ...
- طبعاً ... طبعاً ... هيا بنا ... أمسكت ليال بيد مايا تجرّها ، وهي تضع رأسها في الأرض محاولة أن تخفي وجهها تماماً كالمذنب الذي قبضت عليه العدالة وهو يخفي وجهه خجلاً من فعلته ... ولكن هيهات أن تستطيع ذلك وقد كسا وجهها الطفولي الاحمرار حتى بدت وكأنها مريضة بارتفاع الضغط ...
_ لا تتفوهي بأية كلمة ... مفهوم ... هيا بنا ...
****
ما
__________________